المقالات - الهندسة المالية

الهندســة الماليـــة -  Financial Engineering
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهندسة المالية ( Financial Engineering ) هي إحدى فروع علوم تخمين المخاطر (بالإنجليزية: Actuarial science‏) أو علم قياس المخاطر. ظهرت للوجود في منتصف الثمانينات بهدف عون وخدمة منشآت الأعمال في مواجهة المخاطر و التخلص من القيود التشريعية والضغوط التي يفرضها السوق وبيئة المنشآت. 
الهندسة المالية مجال تستغل فيه معارف و كفاءات المجالات الأخرى و أهمها الرياضيات و الإقتصاد و المعلوميات لدراسة المعلومات بطريقة علمية عميقة تساعد على اتخاذ القرارت الإستثمارية دون المغامرة و التعرض لأخطار تقلبات الأسواق البرصوية.
هنالك نطاقين رئيسيين تستغل فيهما الهندسة المالية :
- دراسة سوق المال (البورصة، أبناك) 
-  دراسة التوازن المالي للشركات
مفهوم الهندسة المالية
يشير مصطلح الهندسة المالية إلى فن صياغة المدخلات المالية لتلبية حاجيات وميول مستخدمي الأموال فيما يخص المخاطرة وفترة الاستحقاق والعائد، ويعتبر مفهوم الهندسة المالية قديما قدم التعاملات المالية، لكنه يبدو حديثا نسبيا من حيث المصطلح والتخصص، فمعظم تعاريف الهندسة المالية مستوحات من وجهات نظر الباحثين الذين يطورون النماذج والنظريات، أو مصممي المنتجات المالية في المؤسسات المالية أو بالأسواق المالية
 
 يمكن إجمال تعاريف الهندسة المالية في مجموعتين رئيسيتين هما :
1- المجموعة الأولى : تعرف الهندسة المالية من وجهة نظر الإدارة المالية بالمؤسسات ، حيث تؤكد على أن الهندسة المالية قد تكون تعبيرا مفيدا لوصف العملية الكمية التحليلية المصممة لتحسين العمليات المالية للشركة، وقد تتضمن النشاطات التاليـة :
أ- تعظيم قيمة المنشأة
ب- إدارة محفظة الأوراق المالية
ج- التفاوض حول التمويل/ التحوط في الصفقات التي تنعكس مباشرة على قيمة ضريبة الشركة آخذا بعين الاعتبار المخاطر التنظيمية والسياسية
د- تنظيم صفقات المبيعات بشكل يراعي مصالح كل من الزبون والشركة
هـ تنظيم صفقات الشراء بشكل يوازن مصالح كل من المورد والشركة
كل هذه النشاطات يمكن أن تتضمن استخدام النماذج الكمية، البرامج التقنية والمشتقات 
2- المجموعة الثانية : تعرف الهندسة المالية من وجهة نظر الأسواق المالية حيث تعتبر أن مصطلح الهندسة المالية يستعمل لوصف تحليل البيانات المحصلة من السوق المالية بطريقة علمية، يأخذ مثل هذا التحليل عادة شكل الخوارزميات الرياضية أو النماذج المالية، وتستخدم الهندسة المالية كثيرا في الأسواق المالية (مع إجراء تعديلات عليها)، خاصة في تجارة العملات، تسعير الخيارات وأسهم المستقبليات، ويسمح استخدام أدوات وتقنيات الهندسة المالية للمهندسين الماليين من فهم أفضل للأسواق المالية، وبالتالي فهما أفضل من طرف المتعاملين في السوق، ويعتبر هذا مهما جدا بالنسبة للمتعاملين لأن دقة المعلومات وسرعتها أساسية في اتخاذ القرارات
 
 للهندسة المالية عدة تعاريف أخرى منها :
تعريف 1: تركز الهندسة المالية على تصميم وتطوير وتطبيق عمليات وأدوات مالية مستحدثة، وتقديم حلول خلاقة ومبدعة للمشكلات المالية، والهدف من الهندسة المالية هو خفض التكاليف وزيادة العائد.
تعريف 2: تعرف الجمعية الدولية للمهندسين الماليين (IAFE)* الهندسة المالية بأنها " التطوير والتطبيق المبتكر للنظرية المالية والأدوات المالية لإيجاد حلول للمشاكل المالية المعقدة ولاستغلال الفرص المالية
تعريف 3: الهندسة المالية هي تصميم وتطوير وتطبيق عمليات وأدوات مالية مستحدثة، وتقديم حلول للمشكلات الاقتصادية والمالية، بحيث لا يقتصر دورها على المنتجات الجديدة فحسب، بل يمتد كذلك إلى محاولات تطويع أدوات وأفكار قديمة لخدمة أهداف منشآت الأعمال.
تعريف 4: يقصد بمصطلح " الهندسة المالية " توليد (خلق) أدوات أو أوراق مالية جديدة، أي أنه يعني في مجمله استنباط وسائل وأدوات مالية جديدة لمقابلة احتياجات المستثمرين أو طالبي التمويل المتجددة لأدوات التمويل التي تعجز الطرق الحالية عن الإيفاء بها.
تعريف 5: الهندسة المالية هي مجموعة الأنشطة التي تتضمن عمليات التصميم والتطوير والتنفيذ لكل من الأدوات والعمليات المالية المبتكرة، بالإضافة إلى صياغة حلول إبداعية لمشاكل التمويل.
 
وانطلاق مما سبق يمكننا تعريف الهندسة المالية بأنها " فن صياغة المدخلات المالية لتلبية حاجيات وميول مستخدمي الأموال، عن طريق تصميم وتطوير وتنفيذ أدوات وآليات مالية مبتكرة، تحقق حلولا إبداعية لمشاكل التمويل "،
 
 وهذا التعريف يشير إلى أن الهندسة المالية تتضمن ثلاث أنواع من الأنشطة هـي :
 
أ- تصميم أدوات مالية مبتكرة, مثل بطاقات الائتمان, وأنواع جديدة من السندات والأسهم, وتصميم عقود تحوط مبتكرة
ب- تطوير الأدوات المالية, أي تلبية هذه الأدوات المبتكرة لحاجات تمويلية جديدة, أو التغيير الجذري في العقود الحالية لزيادة كفاءتها فيما يخص المخاطرة وفترة الاستحقاق والعائد
ج- تنفيذ الأدوات المالية المبتكرة, أي ابتكار إجراءات تنفيذية مبتكرة من شأنها أن تكون منخفضة التكلفة ومرنة وعملية
والهندسة المالية بذلك تعتبر منهجاً لنظم التمويل المعاصرة يهدف إلى تحقيق الكفاءة في المنتجات المالية المعاصرة وتطويرها في ظل الاحتياجات المالية والتي تتصف بأنها متجددة ومتنوعة. وتكمن أهمية الهندسة المالية - خصوصاً في عالمنا المعاصر - بأنها تقوم بالموازنة بين عدة أهداف ومن ثم تصميم أدوات مبتكرة تستوعب كل هذه الأهداف معاً, وهذه المهمة ليست باليسيرة حيث تحتاج إلى تضافر جهود على شكل تنظيمي بين الأجهزة الشرعية والاقتصاديين والمصرفيين والمحاسبين للخروج بمبتكرات فعالة.
 العوامل المساعدة في ظهور الهندسة المالية
شهدت أسواق المال العالمية منذ بداية الستينات من القرن الماضي ثورة في مجالات الابتكارات المالية (financial Innovations)، والتي شكلت اللبنة الأولى لتبلور مفهوم الهندسة المالية، هذه الأخيرة التي ستهتم بابتكار الأدوات الحديثة وأدوات إدارة المخاطر بالشكل الذي يضمن للشركات التخطيط لمستقبلها وخدمة أهدافها – هذا من جهة-، ومن جهة أخرى ضمان المردود الإيجابي للاقتصاديات الإسلامية ككل من خلال تطوير أسواق رأس المال، وإمدادها بمختلف الأدوات والآليات التمويلية التي تحقق أهداف جميع المتعاملين،
 
ويمكن تلخيص أهم العوامل التي ساهمت في بناء هذا التصور ومهدت لظهور الهندسة المالية في الآتـي : 
1- اتساع وتعدد أدوات الاستثمار المتاحة في أسواق المال، وقد أدى ذلك إلى زيادة سيولة السوق، وإتاحة مزيد من التمويل عن طريق جذب مستثمرين جدد وتقديم فرص جديدة للباحثين عن التمويل.
2- إيجاد أدوات إدارة المخاطر (Risk Management Instruments)، والتي مكنت من إعادة توزيع المخاطر المالية طبقا لتفضيلات المستثمرين للمخاطر.
وباختصار فإن منظمات الأعمال تتعرض لأربع أنواع من المخاطر المالية وهي : مخاطر سعر الفائدة، مخاطر سعر الصرف، مخاطر التقلب في أسعار الأسهم (حقوق الملكية)، ومخاطر أسعار السلع، وتتمل المشكلة مع المخاطر ليس في حجمها، ولكن في كونها تحدث دون توقع، ولا تخرج أدوات إدارة المخاطر عن الحلول الثلاث التالية: إما بالعمل على تخفيضها بالتخلص من مصدر الخطر بالبيع، أو بالتنويع، أو بالتأمين ضد المخاطر.
3- تطوير أدوات المراجحة بين الأسواق (Arbitrage)، الأمر الذي مكن من تحسين التكاليف وزيادة العائد والانفتاح على الأسواق المالية.
4- تعدد وتنوع إستراتيجيات الاستثمار نتيجة لتعدد وتنوع وتجدد أدوات الاستثمار (خاصة المشتقات المالية).